رفضت المحكمة المحلية بولاية لويزيانا الأمريكية تنفيذ حكم تحكيم صادر من مركز دبي للتحكيم الدولي والمعروف باسم (DIAC) وهو أمر لا يحدث كثيراً كون اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها والمعروفة بأسم اتفاقية نيويورك 1958 قد الزمت غالبية دول العالم الموقعة على تلك الاتفاقية على تنفيذ الأحكام الصادرة من التحكيم في ضوء بعض الإجراءات الواجب الاتباع داخل كل دولة على حدا وفقاً لنظامها التشريعي بطبيعة الحال وبما لا يخالف نظامها العام، إلا أن هذا القرار من محكمة لوزيانا يعد غريب كونه قد عقب على إصدار مرسوم من حكومة دبي في عام ٢٠٢١، و الذي أدى إلى عملية دمج مركز DIAC لجعله غير منعزل عن مركز دبي المالي العالمي والمعروف ب DIFC .
الجدير بالذكر وما نحن بصدده اليوم هو أن المحكمة المحلية الأمريكية قد رفضت تنفيذ هذا الحكم كونه هو حكم صادر من DIAC وهو ليس ذات المنشاة التي طلبت من محكمة لوزيانا بتنفيذه وهنا بيت القصيد حيث أن DIFC-LCIA ليست في نظر المحكمة الأمريكية المحلية هي ذاتها DIAC.
كون محكمة لندن للتحكيم الدوليDIFC-LCIA، و” نقل الأصول، حقوق و التزامات“ والموجودة لدى مركز دبي المالي العالمي – محكمة لندن للتحكيم الدولي DIAC-LCIA تعد مختلفة تماماً في نظر المحكمة الامريكية المحلية بولاية لوزيانا عن مركز تحكيم DIAC، على الرغم من إن المدعي في تلك الدعوى المقامة بالولايات المتحدة الأمريكية قد حاول توضيح الامر وفقاً لقوانين دولة الإمارات العربية المتحدة و الذي نص صراحة على أن البنود الحالية لمركز دبي المالي العالمي – محكمة لندن للتحكيم الدولي، ستكون في سياقها ذات ما جاء بمركز DIAC عقب صدور مرسوم الإمارة.
وللتعمق أكثر وأكثر في دفاع المدعي عليه الذي ارتكن في دفاعه على أنه، في وقت التعاقد بين طرفي التداعي و اختيار التحكيم ليكون السبيل لحل المنازعات بين أطراف التعاقد، كان شرط التحكيم صريحاً في بند التحكيم الوارد في العقود المبرمة بين الأطراف، على أن يكون التحكيم من خلال مركز دبي المالي العالمي – محكمة لندن للتحكيم الدولي DIFC-LCIA، و التي تم إبطالها بالمرسوم بقانون الصادر من حكومة دبي عام ٢٠٢١، فبرغم ذلك و برغم التشابه، إلا أنه يظل الوضع بعد صدور المرسوم بقانون أن مركز DIAC، هو ليس المؤسسة التي اتفق الأطراف على التحكيم من خلالها، مما أدى بقاضي المحاكم المحلية بولاية لويزيانا الأمريكية سيادة القاضي / جريج جيدري للحكم بأنه مع كامل الاحترام و التقدير للمحكمة الأمريكية و حكومة دبي، فليس لهما سلطة إعادة كتابة اتفاق التحكيم و الأمر بسير الإجراءات فيه من خلال مؤسسة DIAC بدلاً من مؤسسة DIFC-LCIA، فمهما كان التشابه بين المؤسستين إلا أن الأمر يظل أنه ليست نفس المؤسسة التي اتفق أطراف التداعي فيه على التحكيم.
وهذا ما نوه ودفع به المدعى عليه بأن طبقاً للقانون، يظل اتفاق التحكيم سارياً حتى صدور المرسوم بقانون من حكومة دبي عام ٢٠٢١، والذي أدى لإلغاء مركز دبي المالي العالمي – محكمة لندن للتحكيم الدولي DIFC-LCIA و نقل أصولها و حقوقها و التزاماتها لمؤسسة DIAC، و بعد ذلك لا يعد اتفاق التحكيم سارياً حيث تم الغاء مؤسسة التحكيم التي تم الاتفاق عليها بين الأطراف، و من ثم بطلان اتفاقية التحكيم بكل النتائج المترتبة عليها.
هذه هي اول حالة يتم الإبلاغ عنها لحدوث ذلك بالفعل، الأمر الذي يعود بنا للتأكيد على حقيقة أن التحكيم هو طريقة بديلة لحل المنازعات، وللحكومات كامل الحرية في الغاء بعد المراكز أو دمجها مع غيرها، مما يؤدي لبطلان اتفاقية التحكيم الصادرة من خلالها، الأمر الذي يجعله طريق بديل لحل النزاعات، وعلى الرغم من انه قد يوجد به مميزات إلا انه ليس أمناً كطريق المحاكم المحلية للدول.
للنسخة الإنجليزية من المقال يرجى الضغط هنا